يقول المؤلف ـ كانت كافية كل الكفاية لإثبات شخصيته ، وإظهار محبته للبشر أجمعين ، حتى تكون علاقتهم به ليس العلاقة الجسدية ، بل العلاقة الروحية ...) (١).
والتعليق : وإذن فقد كان ظهور الله متجسدا فى تلك المدة المحدودة ، فى الزمان والمكان ـ كان ذلك لمجرد إثبات شخصيته! ولكن لمن؟ لجماعة معدودة من الناس .. فى جيل محدود من أجيالهم ، وفى رقعة محدودة من أوطانهم .. وإذن فقد كان على الله أن يقدّم «بطاقة» شخصية إلى كل إنسان ، فى كل زمان ، وفى كل مكان .. وإلا كان من حق الناس أن يجهلوه ولا يعترفوا به!
* * *
مشكلات كثيرة أثارها تجسّد الله فى المسيح .. فى إنسان معروف للناس ، رأوه رأى العين ، يعالج من شئون الحياة ما يعالجون ، ويأتى ما يأتون ، ويذر ما يذرون .. ثم يعود فيطلع عليهم من عالم الأموات ، فإذا هو الله «رب العالمين!!»
كان يمكن أن تكون هذه الدعوى أكثر احتمالا ، وأقرب إلى الواقعية لو أن الناس قد التقوا بدعوى ألوهية المسيح حال حياته ، حيث يتاح لهم النظر إليه من قرب ، واختبار أحواله عن واقع .. وأدخل من هذا فى باب الاحتمال والواقعية لو أن المسيح لم يلتق بالناس ولم يلتق به الناس إلا رجلا كاملا ، لم يروا فيه ضعف الطفولة ، وعجزها ، وتحكّم الضرورات الإنسانية فيها ، وخضوعه خضوعا مطلقا ليد من يرعاه ويقوم بأموره!
__________________
(١) الله ـ طرق إعلانه عن ذاته ص ـ ١٠٤.