آمنوا به!! ويستوى الذين رأوه والذين لم يروه إذا كانوا لم يؤمنوا به!».
وتعليق : ونقف عند هذا المقطع الأخير من الجواب .. ونسأل : إذا كانت معرفة الله لا تتوقف على رؤيته بالعين ، بل على الإيمان به بالقلب ـ وفى هذه الحالة يستوى الذين رأوه والذين لم يروه من المؤمنين به وغير المؤمنين ـ فلما ذا إذن هذا التجسد لله؟ وما حكمته ، إذا كان يستوى فى ذلك الذين رأوه والذين لم يروه؟ ثم لم هذه البلبلة وهذا الاضطراب ، وهذه الفتن التي تجىء من وراء القول بتجسد الله؟ وإن أقلّ ما فيه أنه يفتح باب الادعاء على مصراعيه ، لكل من يدّعى أنه الله ، وأن الله قد تجسّد فيه! وفى هذا ما فيه من التعمية على الناس ، والتشويش على المؤمنين بالله!؟
واعتراض سابع : «إن تجسد الله ، إما أن يظل إلى آخر الدهور ، فتدوم فوائده ، وإما أن يكون مؤقتا ، وحينئذ لا يكون هناك مبرر لتمتع جيل خاص برؤيته فى الجسد ، دون غيره من الأجيال».
وجوابه : «بما أنه مع ظهور الله فى الجسد فى العالم ، ورؤية الناس لأعماله ومعجزاته ، استمر معظمهم فى شرورهم وآثامهم. وبما أنه تعالى يريد أن يكون الإيمان به مقترنا كل الاقتران بحياة القداسة .. وبما أن حياة القداسة لا تتأتّى بواسطة الاقتناع النظري بحقيقة الله ، بل بواسطة الاتصال الروحي به .. وبما أن هذا الاتصال لا يتولد عن النظر إليه بعين الجسد الخارجية ، بل عن النظر إليه بعين الإيمان الباطنية ـ إذن كان من البديهي أن يقتصر الرب فى أمر ظهوره بالجسد على المدة التي قضاها فى العالم (وهذه والحمد لله ـ