وحفظه ، فسرقة المال المتروك من غير حرز ، ولا حراسة .. لا قطع فيه ، ويشترط كذلك أن يكون المال ذا قيمة معتبرة .. وقد قدرها بعض الفقهاء بعشرة دراهم كما قدرها بعضهم بربع دينار.
هذا ، وليس ذلك التغليظ فى عقوبة السرقة قسوة من الإسلام ، واستخفافا بالإنسان ، واسترخاصا لوجوده كما يقول ذلك ـ زورا وبهتانا ـ من يكيدون للإسلام ، ويبيّتون له مالا يرضى من القول .. وإنما ذلك العقاب هو الجزاء العادل الرحيم ، إزاء هذا الجرم الشنيع ، الذي يعدّه الإسلام من أشنع الجرائم ، إذ هو اعتداء على حرمة الإنسان ، فى أعزّ ما يحرص عليه ، وهو المال.
ولا بأس من أن نلفت أولئك الذين يتهمون الإسلام بالوحشية والحيوانية إلى ما جهلوه أو تجاهلوه من حكمة الإسلام ، وتقديره السليم العادل لجريمة السرقة ، ووزنها بالعدل والقسطاس .. بين السارق والمسروق منه ..
فأولا : السرقة اعتداء خفىّ على حرمة الإنسان ، واستباحة لماله الذي هو بمنزلة النفس عند صاحبه!
وإذا كانت المدنيّة الحديثة قد استخفّت بهذه الجريمة ، حتى استباحت سرقة الأمم والشعوب ، فإن الإسلام الذي يحترم الإنسان ـ من حيث هو إنسان ، ويرعى حرمته فى دمه ، وماله وعرضة ، كما يقول نبى الإسلام : «كل المسلم على المسلم حرام .. دمه ، وماله ، وعرضه» ـ فإن الإسلام لا يستخفّ بهذه الجريمة ، بل يضعها موضعها بين الجرائم الغليظة ، ولا تأخذه رحمة فيمن لا يرحم الناس ، والله سبحانه وتعالى يقول : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) (٢٥٢ : البقرة).
وهذا الحدّ الذي فرضه الإسلام لقطع يد السارق ، هو بعض ما يدفع الله به