يلتقون على خلاف فى مجال التوسّل بالأنبياء ، والأولياء والصالحين .. فهذا الشّرر كثيرا ما يمتدّ إلى هؤلاء ، الذين اختلف المختلفون فى التوسل إليهم ، بين مغال فى التوسل ، وبين مبالغ فى تحريمه وفى تكفير من يتوسلون!.
ففى الطرف المغالى فى التوسل يرمى دعاته وأنصاره بالقول جزافا ، يكيدون به للطرف المقابل ، الذي ينازعهم فيه ، ويتهمهم بمرض قلوبهم ، وفساد دينهم .. وإذا هم يبالغون ويبالغون فيما هم فيه ، حتى ليبلغ بهم ذلك إلى حد الشرك الصّراح بالله.
وفى الطرف الآخر ، الذي يحارب التوسل ويعاديه ، يجد المرء نفسه أنه فى حرب حقيقية ، وأن عليه أن ينتصر فيها بأى ثمن ، وأن يضرب فى الجبهة المعادية له بأى سلاح ، وإذا هو من حيث لا يدرى يضرب فى وجوه الأنبياء والأولياء والصالحين أنفسهم ، ولا يسأل نفسه ماذا جنى هؤلاء الكرام من عباد الله من جناية ، حتى يرميهم بما يرميهم به .. من استخفاف بهم ، وتطاول على مقامهم الكريم ..
إن الدعوة بالرفق والحسنى فى هذا المقام ، أليق بالإنسان ، وأنجح لدعوته ، وأسلم لدينه ، إن كان أمره فى هذا قائما على النصح لله ولرسوله وللمؤمنين ، فلا خير فى داع يدعو إلى الخير ، ثم يعود آخر المطاف بمحصول وفير من الوزر والإثم!.
وأيّا كان الأمر ، فإن الذي ينبغى أن يكون فى يقين المسلم دائما هو التوقير والولاء لأنبياء الله ، وأوليائه ، والصالحين من عباده ، وألا يدخل شىء من الضيم على ولائه وتوقيره لهم ، ما يجنيه عليهم غيرهم ، والله سبحانه وتعالى يقول : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وقد عبد النصارى المسيح بن مريم ، واتخذوه إلها من دون الله ، ومع هذا فمقامه عند الله عظيم ، لم ينله شىء مما جنى أتباعه