التفسير : ومرة أخرى يدعو الله سبحانه أهل الكتاب ـ اليهود والنصارى ـ أن ينظروا فى أنفسهم ، وأن يتدبروا أمرهم فى موقفهم من هذا الرسول الكريم ، الذي جاءهم على فترة من الرسل ـ أي بعد زمن انقطعت فيه رسالة الرسل ـ وأن يلتقوا به ، ويتعاملوا معه ، ويصححوا معتقدهم فى الله على ما جاء به ، فتلك هى فرصتهم ، إن اهتبلوها غنموا ونجوا ، وإن ضيعوها ضاعوا وهلكوا ، ثم لم يكن لهم على الله حجة بعد هذا البلاغ المبين!
وفى قوله تعالى : (أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ) هو قطع لكل علّة يعتلّون بها ، فى ركوبهم الباطل ، وخوضهم فى الضّلال .. فليس لقائل منهم أن يقول : (ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ) أي رسول من عند الله ، يكشف لنا معالم الطريق ، ويرفع منارات الهدى.
وقوله سبحانه : (فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ) هو حجة الله عليهم ، بما حمل إليهم هذا البشير النذير من حق وهدى.
وفى مواجهة أهل الكتاب ـ اليهود والنصارى ـ بهذا الخطاب ، من الله ، ، دليل على عموم رسالة «محمد» صلوات الله وسلامه عليه ، وأنه رسول إليهم كما هو رسول إلى الناس كافّة : (فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ) هو «محمد» عليه الصلاة والسلام ، وهذا ما يشير إليه أيضا قوله تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٨٥ : آل عمران).
وفى قوله تعالى. (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وعيد لأهل الكتاب إذا هم لم يستجيبوا لهذا النبىّ ، ولم يصححوا معتقدهم على ما جاء به من عند الله ، وأنهم إذا لم يفعلوا فلن يفلتوا من عذاب الله ، وأنهم لن يعجزوا الله فى الأرض ، ولن يعجزوه هربا.