كلمات المسيح وتعاليمه ـ لا ينقطع أبدا ، وأن هذه الكلمات وتلك التعاليم ، ستلد كل يوم مواليد جديدة من التأويل والتخريج .. فما يكون حلالا اليوم قد يصبح حراما غدا ، وما هو حرام غدا يكون حلالا بعد غد .. وهكذا ..
وصدق الله العظيم ، وصدقت كلماته وآياته ، المنزلة على النبي الكريم ، الصادق الأمين.
فلقد رأينا كيف كان للمجمع المقدس ، الذي انعقد فى «روما» فى هذه الأيام (١) أن يخرج على العالم المسيحي بهذا الرأى الذي يجبه معتقدا عاشت فيه المسيحية ، واعتنقه المسيحيون قرابة ألفى عام ـ وهو أن اليهود قد صلبوا المسيح ، وحملوا تبعة دمه ، هم وأبناؤهم من بعدهم .. إذ قالوا حين قدموه للصلب ، كما روت الأناجيل «دمه علينا وعلى أبنائنا» فجاء المجمع المقدس يبرىء اليهود من دم المسيح ، ويقول : «إذا كان اليهود الأولون هم الذين صلبوا المسيح واحتملوا دمه .. فما ذنب أبنائهم من بعدهم؟».
وهذه قضية لا دخل للإسلام بها ، إذ ينكرها من أصلها .. ولكن الذي نريد أن نقوله هنا ـ لحساب العقل والمنطق ـ : ما هو الحكم الذي يحكم به المجمع المقدس على أتباعه الذين عاشوا خلال الألفى عام يتعبدون بلعن اليهود ، ويتقربون إلى المسيح بهذه اللعنات التي يسبّحون بها صباح مساء؟ ثم على من تقع تبعة هذه الدماء الغزيرة التي أراقها أتباع المسيح فى مدى هذه الأزمان المتطاولة ـ من اليهود ، انتقاما للمسيح ، وتشفيّا ممن تطاولت أيديهم إلى إلههم المعبود ، حتى علقوه على خشبة الصليب وسقوه المرّ المذاب؟ ثم ألا يحقّ لليهود اليوم أن يطالبوا القائمين على أمر المسيحية بديت ملابين القتلى منهم؟
__________________
(١) كان انعقاد هذا المجمع فى خريف عام ١٩٦٤.