أتباعه من اليهود. فقد أشاع اليهود من أتباع المسيح أنهم هم الذين وجّهوا دعوته تلك الوجهة فأخرجوها على هذه الصورة التي لبس المسيح فيها ثوب الألوهية ، وقام فيها مقام الله .. ولعلنا نذكر هنا دور «بولس الرسول» وهو يهودى ، ومن أتباع المسيح ، وحامل لواء التبشير بالمسيحية خارج دائرة اليهود. فقد كان هو الذي أباح ما حرمته الشريعة من حلّ لحم الخنزير ، والتحلل من الختان ، بل وحرمته ، دون أن يلتفت إلى أن المسيح نفسه قد ختن ، حسب الناموس!
وثمرة هذا النسيان المتعمد هى هذا الخلاف الشديد بين أتباع المسيح .. ذلك الخلاف الذي لا تزيده الأيام إلا عمقا واتساعا ، إذ أباح هذا التأويل الفاسد حرمة الأناجيل ، وجعل لكل ذى نظر أن يتأول ما يشاء ، ويقول ما يريد ، بعد أن أهدرت معانى الكلمات المقيدة بألفاظها ، وأصبحت الألفاظ رموزا وإشارات ، وأحلاما وأضغاث أحلام ، يتأولها كل حسب رأيه واجتهاده ، غير مقيد بقيد ، ولا محتكم إلى لغة.
وهذه العداوة ليست عداوة ترجع إلى اجتهاد فى فهم النصّ ، بقدر ما هى عداوة ترجع إلى تضارب الأهواء ، واختلاف المنازع ، ومن هنا لم تكن مجرد عداوة بين علم وجهل ، بل كانت عداوة محملة بشحنات ثقيلة من البغض والكراهية ، لأنها عداوة بين هوى وهوى ومشرب ومشرب!
ثم إن هذه العداوة المحملة بأثقال البغضاء ليست عداوة موقوتة بوقت ، ولا محدودة بزمن .. وإنما هى عداوة موصولة ، متجددة ، لا تنقطع أبدا : (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ).
قوله تعالى : (وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) أي سيعلمون يوم القيامة فساد هذا الذي صنعوه ، وغيرّوا به وجه رسالة المسيح ودعوته ..
وفى لفظ «يصنعون» دلالة على أن أسلوبهم هذا الذي جروا عليه مع