إلا هالك ، فإنها تحمل بين يديها ، هذا النور السماوي ، الذي فيه تبصرة لأولى الألباب ، وهدى للمتقين!
ووصف الرسول الكريم بأنه برهان من عند الله ، لما يحمل من الأمارات الدالة على أنه رسول رب العالمين ـ تحدثت به التوراة وتحدث به الإنجيل ، وعرف أهل الكتاب من اليهود والنصارى صفته ، فجاء على الوصف الذي يعرفونه .. ثم جحدوه وأنكروه .. فهو حجة قائمة عليهم ، ودينونة معلقة فى أعناقهم.
وقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ ..) هو بيان للآثار المترتبة على هذه الدعوة الكريمة من ربّ كريم .. فمن استجاب لها ، وأقبل على الله مؤمنا ، مخلصا له الإيمان به وحده ، فهو فى رحمته وفضله ، وهو على نور من ربّه وهدى ، لا يضلّ ولا يزيغ .. ومن كان هذا شأنه ، وتلك سبيله ، فالجنة مأواه ، والنعيم نزله ..
ومن صدّ عن سبيل الله ، وحادّ الله ورسوله ، فهو بعيد من رحمة الله ، بعيد عن طريقه .. ومن كانت تلك صفته ، فالجحيم مستقرّه ، والنار مثواه! وقد ذكر القرآن الكريم الجانب المثمر من تلك الدعوة الكريمة ، وعرض أهل الإيمان ، وما يلقون من فضل وإحسان .. تشويقا للنفوس إلى هذا المتّجه الكريم ، وبعثا للهمم والعزائم إلى أخذ حظها من هذا الخير المبسوط .. فتلك هى سبيل العقلاء ، وهذا هو مبتغى الراشدين من عباد الله.
أما السبيل الآخر ـ سبيل الغواة والضالين ـ فلم يذكره القرآن هنا ، ولم يجعله وجها مقابلا لتلك الصورة المشرقة ، إزراء به وبأهله ، وحجبا للعيون أن تصطدم بهذه الصورة الكريهة ، التي ينبغى أن ينصرف عنها كل عاقل ، وأن يتجنبها كل رشيد!