فإنهم روح من الله لم يتلبس بجسد .. فهم ـ والحال كذلك ـ أولى من المسيح بأن ينازعوا الله فى ألوهيته .. ولكنهم هم خلق من خلق الله ، وعباد من عباده .. لا يستكبرون عن عبادته!
فالقول بألوهية المسيح ـ من هذه الجهة ـ منقوض ، إذ كان الملائكة أعلى درجة منه ، وأبعد مدى فى هذا الباب الذي دخل منه المسيح إلها مع الله ، أو إلها من دون الله!
وقوله تعالى : (وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً) أي ومن يستكبر عن عبادة الله ، ويتأبّى أن يكون عبدا له ، فإنه سيحشر مع من يحشرهم الله يوم القيامة ، وسيلقى الجزاء المناسب له! (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً).
____________________________________
الآيات : (١٧٤ ـ ١٧٥)
(يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (١٧٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً) (١٧٥)
____________________________________
التفسير : بعد أن كشف الله سبحانه وتعالى ما عليه أهل الكتاب من عمى وضلال ، ومن غلوّ فى جانب ، وتقصير من جوانب أخرى ـ جاء هذا النداء الكريم ، من قبل الحق ، دعوة عامة للناس جميعا ، أن ينظروا فى أنفسهم ، وأن يدعوا هذا الضلال الذي هم فيه ، وأن يتلفتوا إلى هذا الرسول الكريم ، الذي هو برهان مبين ، وحجة مشرقة لا يزبغ عنها إلّا ضالّ ، ولا يجحد بها