التفسير : مناسبة هاتين الآيتين للآيتين اللتين قبلهما ، هو أن هذا الذي يدعو إليه الكافرون ، من الكفر بالله ورسله ، والتفرقة بين الله ورسله ، هو مما يدخل فى باب الجهر بالسوء من القول .. وأن قولهم. (نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) هو من المنكر من القول ، ومن شأن التحدّث به وإذاعته فى الناس أن يشيع الفتنة والفساد!
وفى تصدير الآية الكريمة بهذا الوصف للذين يقولون : (نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) ما يشير إلى أن الإيمان كلّ لا يتجزأ .. وأن الكفر ببعض رسل الله هو كفر برسل الله جميعا ، وأن الكفر برسل الله هو كفر بالله ..
وإذن فإن إيمان هؤلاء الذين يؤمنون بالله ، مع كفرهم برسله أو ببعض رسله ، هو إيمان غير مقبول ، لأنه قائم على الشك فى الله ، إذ لو خلا من هذا الشك ، لا نسحب إيمانهم بالله إلى إيمانهم برسل الله ، وكتب الله ، وبملائكة الله ، وبالبعث والجزاء والجنة والنار .. وكل ما أخبر به الرسل من غيبيّات.
وقوله تعالى : (وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) هو إشارة إلى هذا لأسلوب المنافق من أساليب الإيمان .. حيث يأخذون من الإيمان شيئا ، ومن الكفر شيئا.
والأمر هنا : إنما هو حق أو باطل ، وإيمان أو كفر .. ولا ثالث بينهما ..
وقوله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا) هو حكم بكفر هؤلاء الذين يلبسون الحق بالباطل ، ويجمعون بين الإيمان والكفر .. إنهم على الكفر الصّراح ، ولو ستروا كفرهم بهذا الإيمان الزائف ..