وفى أثر القدوة الحسنة ، والقدوة السيئة ، فى بناء المجتمع ، أو هدمه ، يذيع النبىّ الكريم هذا الهدى الرباني ، ليكون دستورا يعيش فيه الناس ، وميزانا يضبطون عليه مناهجهم فى القول والعمل .. يقول الرسول الكريم : «من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سنّ سنّة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» ..
وصدق رسول الله ، الذي حلّاه ربه بهذا الوصف الكريم : (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) (٢ ـ ٣ : النجم).
فكم كلمة سوء ، يرمى بها ـ عن قصد أو غفلة ـ فإذا هى شرر متطاير ، بين يدى ريح عاصفة ، يعلق بأذيال حصيد هشيم ، ثم لا تلبث حتى تصير لهيبا يلتهم كل شىء ، ويأتى على كل شىء!
أتريد شاهدا لهذا؟ إليك إذن هذه الكلمة :
«لا حكم إلا لله».
إنها من الكلمات القليلة التي دارت فى الحياة دورة كانت أشبه بإعصار مجنون ، لفّ الناس تحت جناحه ، ثم ألقى بهم من حالق ، فإذا هم فى وجه فتنة عمياء ، أهلكت الحرث والنسل ..
وليس فى الكلمة علوّ فى البلاغة ، ولا بدع فى الصياغة ، ولا طرافة فى الأداء ، بل هى فى تركيبها أقرب إلى المألوف الدارج من الكلام ، منها إلى الطريف النادر!
ثم إنها من جهة أخرى ـ ليست من الكلمات التي تخدش الحياء ، أو تمسّ الدين .. بل هى ـ فى ظاهرها ـ كلمة حق ، يمكن أن تكون على لسان العابدين المسبّحين!