____________________________________
الآيتان : (١٤٨ ـ ١٤٩)
(لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً (١٤٨) إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً) (١٤٩)
____________________________________
التفسير : ليس داء أقتل للمجتمعات ، ولا وباء أفسد لكيانها ، وأفعل فى تقويض بنيانها ـ من الفاحشة ، تنجم فيها ، ثم تتردد أصداؤها فى آفاقها ، وتنطلق أشباحها بين ربوعها ، دون أن تجد فى الناس من يتصدّى لها ، ويقف فى وجهها ، ويدمدم على تلك الينابيع العفنة التي تتدفق منها ..
فكلمة السوء تنطلق من فم سفيه ، ثم تجد المرعى الخطيب فى آذان تستقبلها وقلوب تتفتّح لها ، وأفواه ترددها ـ هذه الكلمة هى لعنة تلبس كل من أخذها ، وتعامل بها ..
وفعلة السوء .. هى كلمة السوء مجسّدة .. يلقاها الناس بعيونهم ، على حين يلقون الكلمة بآذانهم ..
والناس هم الذين يفسحون لكلمات السوء ، وفعلات السوء مكانا بينهم ، فتتوالد فيهم وتتكائر ، وتصبح بعض وجودهم ، وقد تستولى يوما على وجودهم كله .. ذلك حين يستقبلونها ، ولا ينكرون ولا يضربون على أيدى المتعاملين بها.
والناس ـ كذلك ـ هم الذين يئدون كلمات السوء فى مهدها ، ويخنقونها قبل أن تتنفس أنفاس الحياة فى أجوائهم .. إذا هم أنكروها ، وأنكروا أصحابها فيهم ، وأخذوهم بالأدب الذي يردعهم ويردّهم عما هم فيه من ضلال!