إلى تلك الصفة الذميمة التي تطلّ برأسها فى هذا الموقف ، الذي يواجه فيه كلّ من الزوج والزوجة صاحبه مواجهة صريحة .. مواجهة الغريم لغريمه فى استقضاء حق له عليه.
ومن شأن هذا التنبيه أن يقيم فى كيان كل من الزوجين ، وازعا يزع هذا الوسواس ، الذي يدفع فى صدر كل منهما بمشاعر الشحّ والحرص ، ومن شأن هذا الوازع ـ إذا استند إلى دين وخلق ـ أن ينهى هذا الموقف الحادّ بين الزوجين ، وأن يجمعها على التسامح ، والصفح ، والوفاق ..
وقوله تعالى : (وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) هو دعوة إلى الإحسان والتقوى فى هذا الموقف ، الذي إن لم تتحرك فيه مشاعر الإحسان لتؤدى دورها فى ظلّ من تقوى الله والعمل على مرضاته ـ لم يكن سبيل إلى إصلاح هذا الخلل ، ورأب ذلك الصدع ، بل ربما زادته المواجهة بين الزوجين اتساعا وعمقا.
وانظر فى هذا الاختلاف الذي وقع فى فاصلة هذه الآية ، وفى فاصلة الآية التي قبلها .. فقد جاءت فاصلة هذه الآية : (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) حيث أن ما يعمل هنا ، هو مما تمليه القلوب ، وتتناجى به الضمائر .. فهو ـ والأمر كذلك ـ محتاج إلى خبرة تطّلع على ما فى القلوب ، وتكشف ما استقر فى الضمائر ، وليس ذلك إلا لله الخبير العليم ..
أما فاصلة الآية التي سبقت هذه الآية ، فقد جاءت هكذا : (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً) حيث كان الحديث عن أفعال محسوسة ، يكفى فى كشفها العلم بها على الصورة التي وقعت ، وذلك مما لا يغيب عن علم العليم الخبير!.