وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (١٨)
____________________________________
رأينا فى الآيتين السابقتين كيف عادت رحمة الله فمسحت دمعة البائسين من أهل المنكرات ، من الرجال والنساء ، بعد أن تابوا وأصلحوا ..
وهنا فى هاتين الآيتين بيان للتوبة التي يقبلها الله من عباده المذنبين ، والتي يلقى بها ذنوبهم بالصفح والمغفرة ..
فيقول سبحانه. (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ).
والمراد بالجهالة هنا ما يركب الإنسان من حمق ، وطيش ، ونزق .. وهو فى مواجهة المنكر ، وليس المراد بالجهالة عدم العلم بالمنكر الذي يرتكبه .. فهذا معفوّ عنه ، ومحسوب من باب الخطأ.
والمراد بالتوبة من قريب ، أن يرجع المذنب إلى نفسه باللائمة والندم ، وأن ينكر عليها هذا المنكر الذي وقع فيه ، وألا يستمرئه ، فإذا وقف الإنسان من نفسه هذا الموقف كانت له إلى الله رجعة من قريب .. فإن مثل هذا الشعور يزعج الإنسان عن هذا المورد الوبيل الذي يرده ، ويلوى زمامه عنه .. إن لم يكن اليوم فغدا أو بعد غد .. وهذا ما حمده الله سبحانه وتعالى لأصحاب تلك النفوس التي يقلقها الإثم ، ويزعجها المنكر إذا هى ألمّت بمنكر ، أو واقعت ذنبا ، فكان من حمده سبحانه لتلك النفس وتكريمه لها أن أقسم بها ، فقال سبحانه: (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) (١ ـ ٢ : القيامة) .. وقال سبحانه: (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً ، أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ