جريمة اللواط .. فقد جاء بعد قوله تعالى : (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما) ـ جاء قوله سبحانه : (فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً) فهذا الأمر بالإعراض عن أهل «اللواط» بعد أن يتوبا ويصلحا ، وهذه السبيل التي جعلها الله لمرتكبات «السحاق» إن صلح حالهن ورغب الأزواج فيهن ـ هذا وتلك ، هما رحمة من رحمة الله ، ولطف من ألطافه ، يصحب المقدور ، ويخفف البلاء ، ويهوّنه .. (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ؟) فسبحانه وسع كل شىء رحمة وعلما ، يجرح ويأسو ، ويحكم ويعفو .. آمنت به لا إله غيره ، ولا ربّ سواه.
ومما يؤيد ما ذهبنا إليه فى فهم هاتين الآيتين ، وحملهما على هذا الوجه الذي فهمناهما عليه ، ما جاء بعدهما من قوله تعالى : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) فذكر التوبة هنا ، وأثرها فى محو السيئات ، هو توكيد لقوله تعالى : (فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما) أي إن اللذين يأتيان الفاحشة «اللواط» من الرجال لهما مدخل إلى التوبة التي بها يتطهران من هذا الإثم ، أما الزّنا فلا يطهر منه مقترفه إلا بإقامة الحدّ عليه ، كما فعل «ماعز» حين ارتكب هذا المنكر ، فجاء إلى النبىّصلىاللهعليهوسلم ، وقال : «طهّرنى» يا رسول الله .. وما زال يقول طهرنى يا رسول الله ، والرسول الكريم يراجعه ، حتى شهد على نفسه أربع شهادات. فأمر الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بإقامة الحدّ عليه ، ورجمه ، وكذلك كان الأمر مع المرأة الغامدية.
____________________________________
الآيتان : (١٧ ـ ١٨)
(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧)