متعلقا بالزنا جاء خاصّا بهذا الزنا الصريح ، دون أن يكون فيه شىء عن الجريمتين الأخريين : اللواط ، والسحاق!
وهذا أمر ما كان للقرآن أن يتركه ، بحجة أنه عمل شاذ ، خارج على مألوف الفطرة .. لأن الشريعة الإسلامية ما جاءت إلا لعلاج الشذوذ الإنسانى عن الفطرة السليمة ، وإلا لتحيد به عن شروده وانحرافه عنها .. وهذا يعنى أنه لا بد ـ لكمال التشريع ـ من أن يشرّع القرآن لهاتين الجريمتين ، ويفرض عقوبة مناسبة لهما.
(ورابعا) : أن الآيتين السابقتين صريحتان ، فى أن الأولى منهما فى شأن النساء ، وأن الآية الثانية فى شأن الرجال ، خاصة.
وليس بين النساء والنساء إلا «السحاق» ، كما أنه ليس بين الرجال إلّا «اللواط».
وعلى هذا ، فإننا ـ إذ خالفنا ما كاد ينعقد إجماع الفقهاء والمفسرين ـ نرى أن قوله تعالى : «وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ .. الآية» هو لبيان الحكم فى جريمة «السحاق» التي تكون بين المرأة والمرأة .. وأن هذا الحكم هو ما بينه الله سبحانه وتعالى فى قوله : (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ ، أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) أي يؤذين بالحبس فى البيوت ، بعد أن تثبت عليهن الجريمة بشهادة أربعة من الرجال ، دون النساء ، كما يتبيّن ذلك فى قوله تعالى : (فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) أي أربعة منكم أيها الرجال.
وأما قوله تعالى : «وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما. الآية» فهو خاص بجريمة اللواط ، بين الرجل والرجل .. والحكم هنا هو أخذهما بالأذى ، الجسدى ، أو النفسي ، وذلك بعد أن يشهد عليهما أربع شهود ، على نحو ما فى «السحاق»