كما ترك هذا الميت أطفاله ، وانضموا إلى جماعة الأيتام ، ممن مات آباؤهم قبله.
فليرعوا حق الله إذن ، وليخشوه فى هؤلاء اليتامى الذين فى أيديهم ، وليصونوهم ويصونوا أموالهم ، وليعاملوهم كما يرجون أن يعامل أبناؤهم من بعدهم.
وإنه ليس هناك من صورة مثل هذه الصورة ، التي يعرضها القرآن هنا ، فى إثارة العواطف ، وفى استجلاء العبرة والعظة ، حيث يتمثل منها للحى خاتمه مطافه فى هذه الحياة ، ومصير هذا المال الذي جمعه ، والذي يكاد يذهب بدينه ومروءته جميعا ..
وفى قوله تعالى : (فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) نداء سماوى كريم ، يلتقى مع تلك المشاعر التي حركتها الصورة التي يتمثلها من يقرأ الآية الكريمة وينظر فيما يطلع عليه منها ، من مشاهد الموت ، وما بعد الموت.
والقول السديد ، الذي تدعو إليه الآية ، هو القول الذي يحمل النصح ، والتوجيه ، والتسديد ، لليتامى ، وإعدادهم إعدادا صالحا للحياة .. تماما كما يفعل الأب مع أبنائه ، وإلا فهو قول غير سديد ، وخيانة للأمانة التي اؤتمن الأوصياء عليها ..
وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) تحذير بعد نصح ، وتهديد بعد عظة .. فمن لم يفتح عينه على هذا الخطر ، ويتجنب الهاوية التي بين يديه ، فلا يلومنّ إلا نفسه ..
إن مال اليتيم هو «نار» تحرق كل من يمدّ إليه يدا خائنة ، أو يدسّه فى بطن شرهة ، فمن أكل منه احترق به فى الدنيا ، وصلى به عذاب جهنم فى الآخرة.