وفى قوله تعالى : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) تحريض للمسلمين على قتال المشركين ، واحتمال المكروه فى سبيل إضعافهم أو القضاء عليهم ، لأنهم ظالمون لأنفسهم ، بصرفها عن الهدى إلى الضلال ، وظالمون للإنسانية إذ هم قوى شريرة عاملة على طمس معالم الهدى وصدّ الناس عن الخير .. (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) ومن لا يحبّه الله فهو عدو لله ، يجب على أولياء الله أن يعادوه ، ويخلّصوه من الذي فى يديه ، يرمى به نفسه ، ويصيب به الناس.
وقوله تعالى : (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) أي من تمام حكمة هذا الابتلاء فيما بين المؤمنين والكافرين أن يمحّص الله المؤمنين بهذا الابتلاء ، وينقيهم من دخائل الضعف والوهن ، بملاقاة الشدائد والصبر عليها ، كما أن فى هذا الابتلاء إضعافا لشوكة الكافرين وتوهينا لقوى البغي والعدوان ، المتربصة بالإيمان وبالمؤمنين.
وقوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) بيان آخر للحكمة من هذا الابتلاء الذي ابتلى الله به المؤمنين ، فى قتال الكافرين ، وهو أن هذا الابتلاء هو الذي يكشف عن إيمان المؤمنين ، وصبرهم على المكروه ، واحتمالهم الأذى فى سبيل الله ، وذلك هو الذي يميز الخبيث من الطيب ، ويجعل لكلّ مكانه عند الله .. فالجنة للمجاهدين الصابرين .. والنار للمشركين المعاندين.
وقوله تعالى : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ).
هو عتاب رقيق للمؤمنين الذين شهدوا القتال فى أحد ، ثم تحوّل بعضهم عن موقف الموت ، إلى حيث السلامة وجمع الغنائم ، بعد أن لاحت بوارق النصر للمؤمنين : كما أن كثيرا منهم ترك القتال بعد أن بانت الهزيمة فى جانب المسلمين ..