وفى التعبير عن الإصابة بالخير بلفظ المسّ ، والتعبير عن الإصابة بالشر بلفظ الإصابة ، ما يكشف عن مدى السقوط والتدلّى من مشارف الإنسانية العالية إلى الحضيض والوحل!
فالمسّ بالخير ، مجرّد المسّ ، وهو الشيء القليل يصيب المسلمين ، يفزع له اليهود ويضطربون ، وتغلى مراجل نفوسهم غيظا وكمدا .. فكيف لو أصاب المسلمون من الخير شيئا كثيرا مما وعدهم الله به؟ إن ذلك مما يذهب بنفوس القوم مذاهب التّلف!
وإصابة المسلمين بالشر ، ينزل بهم ، ويعمّهم بالبأساء والضراء .. ينظر إليه هؤلاء القوم نظرا يملأ نفوسهم بهجة ، ويغمر قلوبهم رضى .. ولو كانوا على شىء من الإنسانية والمروءة لخفّوا لنجدة المكروبين ، وبادروا إلى إغاثة المصابين ، فإن لم يكن هذا ولا ذاك فلا أقل من نظرة عطف وإشفاق ، أو حسرة وألم ، فإن لم يكن هذا ولا هذا أيضا فليكن موقف جمود وخمود .. أما أن يجد الإنسان فى هذا الموقف مشاعر تتحرك فرحا وبهجة ، وتتناغى شماتة وغبطة ، فذلك هو الذي لا يعرف فى إنسان غير إنسان اليهود!
الخير القليل .. القليل جدا ، يمسّ المسلمين مسّا ، يحسدونهم عليه ، وتختنق صدورهم به ، حتى لتقتلهم الحسرة ويميتهم الكمد!
والشر يصيب المسلمين إصابات قاتلة ، ويرميهم بالمهلكات .. يجد فيه هؤلاء القوم سعادة ورضى ، ولذة وسرورا.
ألا ما أخسّ الإنسان وأحقره ، حين يتعرّى من مشاعر الإنسانية ، وتشتمل عليه طباع حيّة خبيثة ، أو نفس شيطان رجيم! بل ما أخسّ الإنسان وأحقره ، حين يعيش فى مسلاخ إنسان من هؤلاء الناس!