يديه من آيات بينات .. وهذا أمر لا يكون إلا ممن سفه نفسه ، وركب رأسه ، وتعلق بأذيال شيطانه!
كما يمكن أن تكون هذه الواو للحال ، بمعنى أنهم كفروا فى تلك الحال التي يشهدون فيها دلائل النبوة ، ويرون آياتها .. فهم والحال كذلك فى أمر مختلف .. الكفر عن علم وعمد!
وفى قوله تعالى : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ما يكشف عن حقيقة الاستفهام الإنكارى الذي بدأت به الآية ، وهو : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ) .. فهؤلاء القوم قد اتخذوا الظلم مركبا ، فاعتدوا اعتداء منكرا على الحقّ الذي بين أيديهم ، حتى لقد اجترءوا على إفساد الكتاب السماوي الذي يؤمنون به ، ويعيشون فيه .. (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) فكيف يهدى الله هؤلاء القوم الظالمين ، الذين يشهدون الحق ، ويستيقنونه ، ثم يكفرون به؟ إنهم ليسوا أهلا لخير أبدا.
وكلمة «القوم» هنا تعنى أن هذا الظلم الذي ركبه هؤلاء السفهاء هو ظلم جماعى ، تواطأ عليه القوم جميعا ، ولم يقم فيهم رجل رشيد ينكر عليهم هذا المنكر ، فكان ظلما غليظا ، وداء قاتلا ، لا يرجى له شفاء أبدا .. إنه أشبه بالوباء الذي ينزل بجماعة من الجماعات ، فيأتى عليها بين يوم وليلة.
ولهذا كانت العقوبة الواردة على هؤلاء الظالمين عقوبة عامة قاصمة : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) .. إنهم بمعزل من رحمة الله .. تحيط بهم لعنة الله ولعنة ملائكته ، ولعنة الناس أجمعين : المؤمنين منهم وغير المؤمنين .. أما المؤمنون فلأنهم من حزب الله ، يحاربون من حارب الله ، ويلعنون من يلعنه الله .. وأما غير المؤمنين فإنهم على خلاف مع هؤلاء القوم الظالمين .. لهم ظلم غير ظلمهم ، ودين غير دينهم ..