إذ هم المؤمنون بالله ، وكتبه ورسله ، فكل دعوة نبىّ هي دعوة جميع الأنبياء وأتباع الأنبياء ، ومعاداة أي نبى وأتباع أي نبىّ هى محاربة لله ولرسوله وللمؤمنين : «إنما المؤمنون إخوة» وأتباع الأنبياء ، المؤمنون برسالات الأنبياء ، هم جميعا إخوة ، يجمعهم التوحيد بالله ، والعبودية لله!
وفى قوله تعالى : (لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ) اللام موطئة للقسم الذي تضمنه العهد والميثاق الذي واثق الله به النبيين وعاهدهم عليه ، والتقدير (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) لئن آتيتكم النبوة وما معها من كتاب وحكمة (ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ).
وقوله تعالى : (مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ) وصف للرسول الذي يجب الإيمان به ونصرته ، وهو أن يكون ما معه من كتاب ، وما يدعو إليه من دين ، قائما على السنن الذي دعا إليه أنبياء الله ورسله ، من الإيمان بالله الواحد الأحد ، المنزه عن الشريك والولد ، فمن دعا إلى غير هذه الدعوة فليس نبيا وليس رسولا ، فما أكثر أدعياء النبوة ، ومدّعى الرسالة.
قوله تعالى : (قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) الإصر العهد الموثّق .. وفى استحضار النبيّين ، وأخذ الإقرار من أفواههم ، وإشهادهم عليه ، ثم شهادة الله على ما شهدوا عليه .. كل هذا يدل على ما لهذا الأمر الذي عاهدهم الله عليه من شأن وخطر عظيمين : (قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) .. وكفى بالله شهيدا.
وقوله تعالى (فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) توكيد لهذا العهد ، وتجريم لمن نقضه ، ووقف من أنبياء الله ورسله موقف المشاق المنابذ ..