اليهود يرون الله وكأنه أحد أغنيائهم ، وأنه بقدر ما ينفق ، يكون النقص فيما بين يديه من مال ، ولو استمر فى الإنفاق لنفد ما بين يديه .. وفيهم يقول الله تعالى : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) (١٠٠ : الإسراء).
وللإنسان أن يذهب مذهب التقتير ، لأنه إنسان ، ملكه محدود وإن بلغ ما بلغ من كثرة واتساع ، وتعالى الله علوا كبيرا أن ينظر إليه وإلى فضله هذا النظر الذي يجعله والناس على سواء
وقد كشف الله سبحانه وتعالى عن هذا الخلق اللئيم المندسّ فى طبيعة اليهود ، وهو الحسد القاتل ، الذي يأكل صدورهم ، إذا نال أحد من الناس خيرا .. يقول الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ (١) يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ (٢) وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً* أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً* أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) (٥١ ـ ٥٢ ـ ٥٣ : النساء) .. إنها كزازة نفس ، وسوء خلق ، وفساد ضمير ، وأنانية فاتلة ، وشحّ لئيم.
وقوله تعالى : (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) رد ثالث على اليهود بأن فضل يقع حيث يشاء ، وينزل حيث أراد الله أن ينزل : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) وفضل الله عظيم ، ورحمته واسعة (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) (٧٨ : النساء)
__________________
(١) وهم اليهود.
(٢) أي الضلال والبهتان.