وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ)
ولقد خرج النبي الكريم بنفسه ، وبابنته فاطمة ، وولديها الحسن والحسين ، وبنسائه جميعا .. وطلب إلى هذا الوفد أن يلقوه بأنفسهم ، وبأبنائهم وبنسائهم ، وأن يبتهلوا جميعا ـ هو ومن معه ، وهم ومن معهم ـ إلى الله : أن يجعل لعنته على الكاذب من الفريقين ، فيما يقول عن عيسى من مقولات!
وتدبّر الوفد الأمر فيما بينهم ، وأداروه على جميع وجوهه ، ونظروا إلى أنفسهم ، وإلى أبنائهم ونسائهم ، فرأوا أن الأمر قد صار إلى الجدّ ، وأنهم مبتلون فى أنفسهم وأهليهم ، وهنا أعادوا النظر فيما بين أيديهم من أمر المسيح ، فرأوا أن حجتهم واهية ، وأن يقينهم الذي استيقنوه منه ، مشوب بشك يكاد يغلب هذا اليقين ، وبدا لهم أن مصرعهم وشيك هم وأهليهم إن هم باهلوا النبي ، وأن دعوتهم على أنفسهم باللعنة إن أخطأتهم ، فلن تخطئهم دعوة النبي ، التي لا ترد .. فتركوا ما جاءوا له ، وعادوا من حيث أتوا ، وفى قلب كلّ منهم وسواس ، وفى كيانه صراع عاصف ، بين الحق الذي رآه ، والباطل الذي يعيش فيه.
____________________________________
الآيتان : (٦٢ ، ٦٣)
(إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٢) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ) (٦٣)
____________________________________
التفسير : إن الذي يقصّه القرآن الكريم من أحداث ومواقف ، هو القصص الحق ، لأنه منزل من الحق سبحانه وتعالى .. ومن الحق الذي تحدث به القرآن : أنه لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأن القول بأن مع الله آلهة أخرى ، أو أن