وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٤٨) وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٤٩) وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٥٠) إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) (٥١)
____________________________________
التفسير : عجبت مريم لهذا الأمر العجيب ، الذي تحدثها الملائكة به من عند ربها .. أن تلدا مولودا من غير أن تتصل بزوج! وكيف؟ وما ذا تقول للناس؟ ومن يسمع لها أو يصدق قولها؟ وأنّى لها القوة التي نحتمل بها لذعات الألسنة ، وغمزات العيون ، وهمسات الشفاه؟ إنها تجربة فريدة فى عالمها ، لم تكن لامرأة قبلها ، فكيف لها باحتمالها ، واحتمال تبعاتها؟
وفى وداعة العابدة المتبتلة ، ولطف العذراء وحيائها .. نسأل ربها :
(رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ؟) ويجيبها رسول ربها : (كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ) .. لا حدود لقدرته ، ولا ضوابط من نواميس الطبيعة التي نعلمها ، بالتي تحول بين قدرة الله وبين أن تأتى بما لا نحسب ولا نقدر! وفى قوله تعالى هنا (اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ) وقوله فى إجابة زكريا : (اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) مراعاة تامة للمقام هنا وهناك.
ففى أمر مريم عملية خلق كاملة. فناسبها قوله تعالى : (اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ)