فمثلا : «ميلاد
المسيح من عذراء».
هذا الحدث ، لا
يقلّ شأنا وإثارة ، وتحديا عن كلام المسيح فى المهد!
ومع هذا ، فإن
إنجيلى «مرقس» و «يوحنا» لم يشيرا أيّة إشارة إلى هذا الميلاد .. والقديس «بولس»
مؤسس المسيحية ، وداعيتها الأول ، لم يتحدث عن هذا الميلاد ، ولم يشر إليه فى
رسائله ، ولم يتخذ منه آية يغزو بها القلوب ، لدعوته التي كان يدعو بها ، ويجمع
لها كل القوى المادية والمعنوية ، لتأخذ طريقها إلى الناس!
ثم إن إنجيلى «متى»
و «لوقا» الذين تحدثا عن هذا الميلاد العذرى ، لم يذكرا ذلك إلا ذكرا عابرا ، وفى
غير التفات إليه ، أو احتفاء به ، بل إنهما إذ يقولان بميلاد المسيح من عذراء ،
يعودان فيرجعان نسب المسيح إلى داود عن طريق «يوسف» الأب المسمّى للمسيح ، وكأنما
أرادا بذلك أن يسدّا هذه الفجوة ، بنسبة المسيح إلى يوسف ، زوج أمّه!
فإذا وقع فى
تقديرنا أنه كان من المكن إلغاء إنجيل «متى» و «لوقا» الذين ذكرا ميلاد المسيح من
عذراء. كما ألغيت عشرات الأناجيل غيرهما ، ثم أصبح اعتماد المسيحية على إنجيلى «مرقس»
و «يوحنا» ـ لو وقع هذا ـ وكان من الممكن أن يقع ـ لما كان فى المسيحية أية إشارة
إلى هذا الميلاد ، ولذهب من تاريخ المسيح ، كما ذهب كثير غيره من أقواله ،
وأعماله.
وحادثة مجىء
المسيح إلى مصر ، مع أمه ، وزوج أمّه ..
هذه الحادثة ، لا
تقلّ خطرا ، عن كلام المسيح فى المهد ، وعن ميلاده من عذراء ، إذ كانت عن إرهاصات
مزلزلة ، لما سيكون لهذا الوليد من شأن.
ومع هذا فإن
إنجيلا واحدا من الأناجيل الأربعة المعتمدة هو الذي ذكرها ، ذلك هو إنجيل متى ،
الذي يروى هذه الحادثة على هذا النحو :