تشهد فيه إلا ملامح الطفولة ومخايلها .. فرجعوا بين مصدّق ومكذب ، وبين متشكك ومتهم!!
ثم يمضى الزمن بهؤلاء وأولئك جميعا .. ويتقلب هؤلاء وهؤلاء ، بين الشك واليقين ، والتكذيب والاتهام.
أما أصحاب اليقين ، الذين عاينوا المعجزة ـ وهم قلة ـ فتذهب بهم الأيام واحدا واحدا ، حتى إذا بلغ المسيح أشدّه ، وطلع على الناس بمعجزاته ، لم يكن منهم فى الحياة إلا بضعة أفراد ، أو مادونهم.
وأما المتشكّكون والمترددون ، فقد أنساهم الزمن هذا الأمر ، وما علق بنفوسهم منه .. من شك أو تردد.
فلما أن كان وقت كتابة الأناجيل ، كانت تلك الحادثة ـ حادثة كلام المسيح فى المهد ، قد ضاعت فى طوفان الأحداث التي اتصلت بحياة المسيح ، والتي انتهت بهذا الحدث العظيم. فى قضية صلبه ، وقيامه من الأموات .. ثم فى مطاردة تلاميذه وأتباعه ، والتنكيل بهم. حيث وقعت عليهم عين ، أو وقعت عليهم يد!
لقد كانت حادثة كلام المسيح فى المهد ، عند كتابة الأناجيل ، شيئا باهتا ، أشبه بأضغاث الأحلام ، لم يمسك الناس منها إلا بذكريات غامضة مضطربة ، فكان إعلانها وإذاعتها فى هذا الوقت مما يقوّى جبهة أولئك الذين يجدّفون على المسيح ، ويرمونه وأمّه بالمنكرات والأباطيل والمفتريات!
هذا ، وليست حادثة كلام المسيح فى المهد ، هى وحدها التي أغفلت الأناجيل ذكرها ، من متعلقات المسيح وأخباره ، بل لقد أغفلت الأناجيل ـ عن تدبير وتقدير ـ كثيرا مما كان للسيد المسيح .. تقيّة وخوفا ، تحت ضغط الظروف القاسية التي كتبت فيها الأناجيل.