الأصل الذي ترجع إليه كل هذه الأشياء ، وهو المال ، من الذهب والفضة والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ، فبهذا المال ينال كل هذا وأكثر من هذا ، فحيث كان المال كان معه الجاه والسلطان ، وكل متع الحياة ، لمن أرادها من أصحاب المال.
وقد ذكر القرآن النساء والبنين والذهب والفضة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث ، لأنها أصول قائمة فى النفوس ، لا تتغير بتغير الأزمان واختلاف الأمم! النساء رغيبة الرّجال من جميع الشعوب .. الأغنياء والفقراء.
والبنون قرة عين الوالدين ، فى كل زمان ومكان .. أغنياء وفقراء.
والذهب والفضة .. لهما حب مستقل لذاتهما ، حيث يجد الإنسان القوة والعزة ، بامتلاكهما ، ولو لم يسخرّهما لمأرب من مآربه ..
والخيل المسوّمة ، (أي المعلّمة) نموذج للمراكب الطيبة ، التي تجمع بين البهجة والمتعة.
والأنعام والحرث ، نموذج آخر لمتعة العين وبهجتها لهذا المال المتحرك فى الإنعام ، والمزدهر الثمر فى الزروع والجنات.
وقوله تعالى : (ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) إشارة إلى أن هذا الذي يرغب فيه الناس ويشتهونه فى حياتهم ، إنما هو متاع وزاد للحياة الدنيا ، يزول بزوال هذه الحياة ، ويفنى بفناء الطاعمين له ..
وقوله تعالى : (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) إلفات إلى حياة أخرى غير هذه الحياة ، لا يزول نعيمها ، ولا تفنى لذاذاتها. تلك هى الحياة الآخرة ، التي أعدّ الله فيها لعباده المتقين ، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر.
____________________________________
الآية : (١٥)
(قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ