الغيب التي حملها القرآن عزاء وبشرى للمؤمنين ، إذ تلقّوا هذا الوعد الصادق الذي لا يخلف أبدا ، فهوّن عليهم البلاء الذي هم فيه ، وربط على قلوبهم بالصبر ، انتظارا ليوم النصر ، وقد جاء تأويل هذا فى تلك الخاتمة التي ختمت بها حياة الكفر والكافرين ، يوم فتح مكة ، يوم جاء نصر الله والفتح ، ودخل الناس فى دين الله أفواجا.
هذا ما كان ينتظر الكافرين فى الدنيا ، التي ظنوا أنهم يمسكون منها بالسبب القوىّ الذي لا ينقطع .. أما فى الآخرة فالأمر أدهى وأمرّ .. حيث تنتظرهم جهنم بسعيرها المتسعر ، وعذابها الأليم .. (وَبِئْسَ الْمِهادُ).
____________________________________
الآية : (١٣)
(قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ) (١٣)
____________________________________
التفسير : إن يكن ثمّه شكّ عند أحد فيما سيلحق هؤلاء الكافرين المغترّين بكثرتهم وقوتهم على أيدى هذه القلّة المستضعفة من المؤمنين ـ فالشاهد حاضر بين أيديهم ، والآثار ماثلة لهم فى أنفسهم.
فهذا يوم بدر ـ وما زال غبار المعركة منعقدا فى سمائه ، وجثث قتلى المشركين وأشلاؤهم متناثرة على أرضه ، وما زالت فلول الجيش المنهزم تحبو حبوا نحو مكة ، مثخنة الجراح ، متقطعة الأنفاس ، موقرة بالخزي والعار ـ هذا يوم بدر يمثل لهؤلاء المشركين ما ينتظرهم فى مستقبل الأيام ، من خزى وهزيمة على أيدى المسلمين ، وإن قلّ عددهم وعدتهم ، فليس الأمر أمر عدد