التفسير : ومن ألطاف الخالق العظيم ورحمته بالناس ، أن أقام الإنسان على هذه الأرض ، ومكّن له من أسباب الحياة فيها ، والسيادة ، عليها فجعل يده مبسوطة على كل شىء شىء فيها ، بما وهبه الله من قوة عاقلة ، انفرد بها من بين ما على الأرض من مخلوقات .. وذلك من شأنه ألّا يجعل سبيلا لعاقل أن يعطى ولاءه لغير الله رب العالمين.
وقد يفهم من قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) بعد قوله سبحانه : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) ـ قد يفهم من هذا أن خلق السموات ، جاء تاليا لخلق الأرض.
ولكن ، مع قليل من النظر ، يتضح أن ذلك كان بعد خلق السموات والأرض .. فالأرض كانت مخلوقة ، ثم خلق الله بعد ذلك ، ما فيها من مخلوقات .. وكذلك السماء ، كانت قائمة ، فجعلها الله سبحانه سبع سموات. وهذا ما تشير إليه الآية الكريمة ، فى قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) (١١ : فصلت).
وهذا لا يصادم ما يقول به العلم الحديث ، من أن الأرض وليدة انفجار فى الشمس ، تسبب عنه انفصال أجرام منها ، وكانت الأرض واحدة من تلك الأجرام! فعوالم السماء مخلوقة قبل الأرض ، والأرض مولود من مواليدها!
وأمر آخر نحب أن نشير إليه هنا ، وهو أن ما جاء فى القرآن الكريم عن خلق السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام ، لا مدخل له فى تكييف قدرة الله سبحانه وتعالى ، وأن ذلك الخلق قد احتاج إلى عمل هذه القدرة ستة أيام ، فذلك تحديد لقدرة الله ، التي لا يحدّها شىء ، ولا يعلق بها قيد من قيود الزمان والمكان (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٨٢ : يس).