مكنون صدورهم ، بما يبيتون ما لا يرضى من القول ، وما لا يحمد من العمل .. فإذا تلقى الرسول وحيا من ربّه ، وأعلنه فى أصحابه ، اصطكت به أسماع المنافقين ، ووجفت قلوبهم هلعا وفزعا!
هذا هو حظهم من كتاب الله ، وذلك مبلغ ما ينالهم من هذا الخير العظيم .. اضطراب ، وذعر ، وهمّ مقيم .. حذر الخزي والفضيحة!
وذلك شأنهم تماما مع الغيث .. الناس ، والحيوان ، والنبات ، وحتى الجماد .. يحيون بهذا الغيث ، ويترقبون فى شوق ولهف مواقيت نزوله ، دون أن يتأدّى إليهم خوف أو قلق ، مما يصحبه من ظلام ورعود! لأنهم يعلمون ما وراء هذه الرعود والبروق من رى وحياة!!
أما المنافقون ، فشأنهم مع هذا الغيث كشأنهم مع كل خير .. يلتوون به ، ويستقبلونه بنفوسهم المريضة ، فلا يصيبهم منه إلا الشرّ ، الذي يكمن فى كل خير تستقبله النفوس المريضة ، وفى كل نعمة تقع فى يد السفهاء من الناس!.
الرعود والصواعق ، هى التي يستقبلها أولئك المنافقون من كل ما تحمل هذه الظاهرة الطبيعية ، من خير ورحمة!.
وفى قوله تعالى : (وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ) إشارة إلى دورة من دورات المنافقين ، حيث انتهى بهم ترددهم بين الإيمان والكفر ، إلى الكفر الغليظ .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ، ثُمَّ كَفَرُوا ، ثُمَّ آمَنُوا ، ثُمَّ كَفَرُوا ، ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً ، لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) (١٣٧ : النساء). فالمنافقون هم كفار ، وأكثر من كفار .. كفار ومنافقون معا!.
وفريق آخر من المنافقين ما يزال أمرهم مرددا بين النفاق والكفر ـ