وقد توعد الله سبحانه المنافقين هنا بالعذاب الأليم ، فقال :
(وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) على حين توعد الكافرين فى الآية قبلها بالعذاب العظيم ، فقال سبحانه : (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) والأليم أشد هولا ونكالا من العظيم ، فقد يكون العظيم عظيما فى شخصه وهيئته ، وليس عظيما فى أفاعيله وسطوته .. أما الأليم فهو البالغ الغابة فى الإيلام ، ولو ضؤل شخصه!
* (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ).
آفة الكافرين فى كفرهم موزعة بين أجهزة ثلاثة فى كيانهم ، هى القلب ، والسمع ، والبصر .. فقلوبهم مغلقة عن الخير ، وأسماعهم نابية عن الحق ، وأبصارهم كليلة عن الهدى ..
أما المنافقون فإن آفة نفاقهم فى القلوب وحدها ، حيث قد سمعوا الحق ووعوه ، وأبصروا الهدى واستيقنوه ، ولكن حين ينفذ هذا كله إلى موطن الإيمان من قلوبهم ، يصادف قلوبا مريضة ، لا تقبل الحق والخير ، وإن قبلتهما فإنها سرعان ما تلفظهما ، كما يلفظ المحموم طيب الطعام.
* (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً)
يمكن أن تكون الفاء هنا للسببية ، ويكون المعنى أن ما أرسل الله من هدى على يد النبىّ قد استقبلوه بتلك القلوب المريضة فهيج علّتها ، وأيقظ نائم دائها.
كما يمكن أن تكون «الفاء» للتفريغ ، وتكون الجملة بعدها دعائية ، والمعنى أن هؤلاء المنافقين ـ بما استبطنوا من نفاق لا يرجى شفاؤه ـ استحقوا أن يدعى عليهم بما يزيد مرض قلوبهم مرضا.