مأخذهم ، إذ وجد
من الحرج أن يعيد نظره فيما نظر فيه السلف ، الذين كانوا أقرب إلى عصر النبوة وإلى
تنسّم أنسامها الطيبة.
والحقّ أن هذا
الشعور قد حجز كثيرا من العقول عن أن تتصل بكتاب الله وبالسنة المطهرة اتصالا
مباشرا ، غير واقع تحت تأثير هؤلاء السّلف الذين اجتهدوا فأخلصوا الاجتهاد ، ولكن
لا عليهم أن يجتهد غيرهم ، بل لم يكن فى تقديرهم أن يقولوا ثم لا يكون لغيرهم
مقالا فيما قالوا!
والسبب فى جمود
التشريع الإسلامى ، يرجع فى الواقع إلى هذا الشعور الذي دخل على العلماء والفقهاء
من التزام الخطوة الأولى التي خطاها السلف فى طريق هذا التشريع ، الذي كان من
طبيعة الأمور ومن معطيات الأصول التشريعية له ـ أن تتبع هذه الخطوة بخطوات ، ممتدة
امتداد الزمن ، متفتحة على مسالك الحياة ، مسايرة لسيرها!!
وأحسب أنه لو
تخففنا من هذا الشعور إلى الحدّ الذي يسمح لنا بحرية الحركة ، واستقلال النظرة لوحدنا
بين أيدينا التشريع الإسلامى الذي يقيمنا على أوضاع سليمة مستقرة فى حياتنا
المادية والروحية ، وفى نظمنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، ولكانت صحبتنا
للدين صحبة نأنس بها ، ونطمئن إليها ، ونثق فيها ، ولذهب ما بيننا وبين الدين من
جفوة ، ولتحولت نظرتنا تلك الفاترة الضائعة فى اتصالنا به ، إلى نظرة حيّة واثقة
من أنها إنما تنظر إلى الحياة كلها ، وإلى أجمل ما فى هذه الحياة ، حين تنظر فى
هذا الدين ، وتقيم حياتها عليه!
وأكثر من هذا ـ فإننا
لو ذهبنا نأخذ شريعتنا من مصدرها الأول ـ الكتاب والسنة ـ لوجدنا أن كثيرا من
القضايا الهامة فى حياتنا التي جاءت إلينا باسم الدين ، وصارت وجها من وجوهه ،
ومادة من مواد دستوره ،