وقد جعل الله السعى بينهما منسكا من مناسك الحج ، وفعلا من الأفعال التي تتم بها هذه الفريضة! وليس يعقل بحال أن يلمّ بمن يؤدى هذا المنسك ـ حاجّا أو متعمرا ـ غير نفحات الرحمة والرضوان ..
وإذن فينبغى أن يكون معنى قوله تعالى : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) كاشفا عن هذه الحقيقة ، وعن نفحات الرضا والرحمة التي تحفّ بمن يطّوّف بهما!
وننظر فنرى أن كلمة «يطّوف» بالتشديد غير كلمة «يطوف» بالتخفيف ، ومعنى هذا أنها تعنى كثرة الطواف ، لا مجرد الطواف!
ومن جهة أخرى ، فإن الطواف معناه الدوران ، ومنه الطواف حول الكعبة ، ومنه الطائفة وهى الجماعة المتحلّقة ، وعلى هذا يكون المراد بالتطوف بالصفا والمروة : الدوران حولهما لا السعى بينهما .. والطواف بهما أمكن وأشق من السعى.
وعلى هذا يكون معنى التطوف : إما الإكثار مع السعى بين الصفا والمروة ، أو التطوف حولهما مع السعى بينهما.
وعلى هذا أيضا ، يكون رفع الحرج والجناح لا عن السعى ، بل عن الاستزادة من السعى ، أو الجمع بين الطواف والسعى ، حيث يظن أن أداء الشعيرة موقوف به عند السعى بعدد من المرات ، لا يتجاوزه الحاج أو المعتمر ، أو أن الجمع بين الطواف والسعى غير مستحب ، فكان رفع الحرج بإطلاق قيد العدد فى السعى ، إلى ما يمكن أن يحتمله الجهد والطاقة ، أو بالجمع بين السعى والطواف ـ كان الرفع للحرج إغراء بالإكثار من السعى ، أو بالسعي الذي يجعل الطواف بالصفا والمروة جزءا منه .. فذلك زيادة فى العمل فى باب الخير ،