المتصدرين والمؤذنين ليحضروا ، والمقصود اختبار من يصلح من غيره ، فأول ما قرىء قلم المباشرين فقطع منهم جماعة ، ومن جملة ذلك معلوم الناظر ، قطع منه ستمائة في الشهر ، فجاء جملة ما قطع من هذا القلم خمسة وثلاثين ألفا. فقال النائب هذا المبلغ يكفي العمارة كل سنة. ولا يجتمع بعد ذلك على المتصدرين والمؤذنين ، ثم قرىء قلم المباشرين العمارة وهو عشرة آلاف ، فرسم بقطعه جميعه. وقال للناظر والمباشرين : باشروا ذلك بأنفسكم وإن احتجتم إلى أمين على آلات العمارة هاتوا مغربيا كل يوم بدرهمين ، فإذا أفرغت حاجتكم منه يروح ، ثم قرىء عليه قلم المتصدرين فقطع منهم من لا يصلح ، والمبلغ المتوفر من ذلك ليس بكثير. ثم قريء قلم المؤذنين فقطع منهم أربعة عشر نفسا من ليس بصيت أو لا يباشر ، ثم قطع من القراء ستة آلاف ، وكانوا يقبضون ثمانية عشر ألفا ، وآخر قلم قراء الحديث لينظر فيه قاضي القضاة ، ونقص من المشارفين ستة وكانوا ثمانية ، وقطع من الفراشين والذي يبسط السجادة ، ووعد المؤذنين والمتصدرين بأن يكمل لهم ما نقص في هذه السنة من معاليمهم وهو الربع ، وافترقوا على ذلك ، ثم لم يفوا بذلك ، بل استخرج معلوم من قطع وصرف في العمارة ، وعرف الذي أرصد في أول سنة العمارة «فلا حول ولا قوة إلا بالله» واتفق في هذا المجلس قضية حسنة سر بها جميع المسلمين ، وذلك أنه لما قريء قلم الأئمة ، جاء إمام الكلاسة والنائب في نفسه من عمارة الكلاسة ، فإنه فتح له شبابيك من تربته اليهما ، وكان قد رسم على تقي الدين صهر الغزي ، وشمس الدين صهر الشاذلي عامل الكلاسة ، على إقامة الحساب وعمارة المكان ، وألزم صهر الغزي بالقيام بما قبضه الغزي من معلوم التدريس وهو خمسة آلاف وكسر ، وبقيا في الترميم نحو شهر ، وخرجا على أن يعمرا فلما قرىء إمام الكلاسة قال النائب : من هو إمام الكلاسة؟ فقيل له المجادلي ، فقال : كم قبض؟ فذكر له. فقال : هاتوه في الحال فرسم عليه ، وذكر له النائب أن بها صدقة خبز وزبيب وما تعطي أحد شيئا ، وقال النائب : والله ما هو مسلم ووافقه أهل المجلس بأسرهم ، ثم إنه سلمه لتغري ورمش مشد العمارة فضربه ضربا عنيفا ، قيل إنه ثلاثمائة عصا ، وكان في نفسه منه بسبب أنه سمعه