فانقطع عنقه فسال من فيه دم ، فهالهم ذلك ، فسألوا عنه ، فكان فيمن سألوا عبادة بن نسي الكندي (١) ، فقال لهم : هذا قبر طالوت الملك ، كذا قرأه على عبد الكريم.
وأنبأنا ابو محمد بن الاكفاني قال : قرأت على أبي محمد السلمي عن بعض المشايخ قال : لما فرغ الوليد بن عبد الملك من بناء المسجد قال له بعض ولده اتعبت الناس طينته كل سنة ، ويخرب سريعا ، فأمر أن يسقف بالرصاص ، فطلب الرصاص من كل بلد فوصل اليه ، فبقي عليه موضع لم يجد له رصاصا ، فكتب الى عماله يحرضهم في طلبه ، فكتب اليه بعض عماله : انا وجدنا عند امرأة منه شيئا وقد ابت ان تبيعه الا وزنا بوزن من النضار ، فكتب اليه : أن خذه وزنا بوزن ، فأخذه وزنا بوزن ، فلما وافاها النضار ، قالت : هو هدية مني للمسجد ، فقال لها : العامل انت ابيتي ان تبيعيني إياه إلا وزنا بوزن شحا منك ، فكيف تهديه الى المسجد ، فقالت : انما فعلت ذلك ظننت ان صاحبكم يظلم الناس في بنائه ويأخذ اموالهم ، فلما رأيت الوفاء منكم علمت انه لم يكن يظلم فيه أحدا ، ويبتاع وزنا بوزن فكتب الى الوليد بذلك ، فأمر ان يعمل في صفائحه لله ولم يدخله في جملة ما عمله فهو الى اليوم مكتوب عليه : لله ، طبع بطابع على السقف انتهى.
وكان سليمان بن عبد الملك هو المقيم مع الصناع ، فكان يفضل عند الرجل الفلس ورأس المسمار فيجيء به فيرميه في الخزانة.
أنبأنا ابو الحسن علي الخطيب يرفعه الى احمد بن هشام يقول : سمعت ابي يقول ما في مسجد دمشق شيء من الرخام الا ما كان من رخاميّ المقام فإنه يقال انهما من عرش بلقيس ، واما الباقي فكله مرمر. وقيل انه اجتمع في ترخيمه اثنا عشر الف مرخم ، قال بعضهم كتب لي ابو عبد الله محمد الفراوي (٢) ، وقيل انه الفاه يخبرني عن أبي بكر احمد بن الحسين الحافظ يرفعه الى عبد الرحمن بن عبد
__________________
(١) شذرات الذهب ١ : ١٥٥.
(٢) شذرات الذهب ٤ : ٩٦.