رأسي وأخذت عصا أمشي عليها حتى جئت باب ابن عمرو فلما رآني حاجبه قال : ويحك يا أشعب ظلمناك وأنت هكذا! فقلت! أدخلني على سيدي ، فأدخلني ، فإذا عنده سالم ، فقال لي عبد الله : ويحك ظلمناك وغضبنا عليك وقد بلغت ما أرى من العلة ، فتضاعفت وقلت : يا سيدي كنت عند بعض من أغشاه فأصابني البطن والقيء فما حملت إلى بيتي إلا جنازة فبلغتني علّتك فخرجت أدبّ. قال : فنظر إليّ سالم وقال : أشعب؟ قلت : أشعب ، قال : ألم تكن عندي آنفا؟! قلت : ومن أين أكون عندك جعلت فداك وأنا أموت ، فجعل يمسح عينيه ويقول : ألم تأكل الهريس آنفا! قال فأقول : وهل بي أكل جعلت فداك! فقال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، والله إني لأرى الشيطان يتمثل على صورتك ما أرى مجالستك تحل ، ووثب ففطن بي عبد الله فقال : مالك أشعب تخدع! قال : أصدقني ، قلت : بالأمان ، قال : نعم ، فحدثته ، فضحك ضحكا شديدا. ورواها أبو داود السنجي (١) عن الأصمعي عن أشعب (٢).
قال الزبير بن بكار : قيل لأشعب في امرأة يتزوجها ، فقال : ابغوني امرأة أتجشّأ في وجهها فتشبع ، وتأكل فخذ جرادة فتتخم (٣).
وروى أن أمه أسلمته في البزّازين فقالت له : ما تعلّمت؟ قال : نصف الشغل ، قالت : وما هو؟ قال : النشر وبقي الطيّ (٤).
وقال الزبير : حدثني عمر ومحمد بن الضحّاك والمؤملي قالوا : كان زياد (٥) نهما على الطعام وكان له جدي في رمضان يوضع بين يديه فلا يمسّه
__________________
(١) بكسر السين ، على ما في (اللباب في تهذيب الأنساب) ، وفي الأصل مهمل.
(٢) وورد مثل هذه الحكاية في تهذيب ابن عساكر ٣ / ٨٠ و٨١ والأغاني ١٩ / ١٦٢.
(٣) الوافي ٩ / ٢٦٩ ، الميزان ١ / ٢٦٠ وفوات الوفيات ١ / ٣٧ و٣٨.
(٤) الوافي ٩ / ٢٧٠ ، فوات الوفيات ١ / ٣٨.
(٥) هو زياد بن عبد الله الحارثيّ صاحب شرطة المدينة. والحكاية ورد مثلها في الوافي ٩ / ٢٧٠ والأغاني ١٩ / ١٤١.