مدينة ، فقال : إنما يبنيها ملك يقال له : «أبو الدوانيق» ، فضحك وقال : أنا هو ، واختطّها ووكّل بها أربعة قوّاد ، وولّى أبا حنيفة القيام بعمل الآجر.
وقيل : كمل سورها في أربع سنين. وكانت البقعة مزرعة تدعى المباركة ، لستّين نفسا ، فعوّضهم المنصور وأعطاهم فأرضاهم ، وجدّوا في البناء بعد انقضاء فتنة ابن حسن.
وقيل : ليس في الدنيا مدينة مدوّرة سواها ، عمل في وسطها دار المملكة بحيث أنه إذا كان في قصره كان جميع أطراف البلد إليه سواء ، وقد تم بناؤها المهم في عام ، وسكنها ونقل إليها خزائنه وبيوت المال.
وقيل : سعتها مائة وثلاثون جريبا ، أنفق عليها ثمانية عشر ألف ألف درهم.
قال بدر المعتضدي : قال لنا أمير المؤمنين : انظروا كم سعة مدينة المنصور ، فحسبنا فإذا هي ميلين مكسّرين في ميلين.
وقيل مسافة ما بين كل باب وباب ألف ومائتا ذراع ، وكان في هذا الوقت رخاء الأسعار بالعراق حتى بيع الكبش بدرهم والحمل بأربعة دوانيق ، والتمر ستون رطلا بدرهم ، والزيت ستة عشر رطلا بدرهم ، والسمن ثمانية بدرهم.
قال أبو نعيم : أنا رأيت ينادى في جبّانة كندة : لحم الغنم ستون رطلا بدرهم ، والعسل عشرة بدرهم.
وقال غيره : كل بغداد مبنيّة بالآجرّ ، اللّبنة ذراع في ذراع ، زنتها مائة رطل وسبعة عشر رطلا ، ولها أربعة أبواب ، بين الباب والباب ثمانية وعشرون برجا ، وعليها سوران ، ثم بني الجامع والقصر ، وكان في صدر القصر إيوان طوله عشرون ذراعا ، عليه القبة الخضراء ارتفاعها ثمانون ذراعا. سقط رأسها