أبي سبرة من السجن ، فخطب ودعا الناس إلى الطاعة ، فسكن الناس ، ورجع ابن الربيع وقطع يد «وثيق» وأيدي ثلاثة معه
* * *
بناء بغداد
في هذه السنة أسّست مدينة السلام «بغداد» ، وهي التي تدعى مدينة المنصور.
سار المنصور يطلب موضعا يتّخذه بلدا ، فبات ليلة ، وكان في موضع القصر بيعة قسّ ، فطاب له المبيت ، وأقام يوما فلم ير إلا ما يحبّ ، فقال : هاهنا ابنوا فإنه طيّب ، وتأتيه مادة الفرات ودجلة والأنهار ، فخطّ بغداد ، ووضع أول لبنة بيده فقال : بسم الله ، وبالله ، والحمد لله ، ابنوا على بركة الله ، وذلك بعد أن بعث رجالا لهم فضل يتطلّبان موضعا ، ثم وقع الاختيار على هذه البقعة ، وسأل راهبا هناك عن أمر الأرض وصحّتها وقال : هل تجدون في كتبكم أنه يبنى هاهنا مدينة؟ قال : نعم يبنيها مقلاص ، قال : فأنا كنت أدعى بذلك ، وكذلك لما بنى مدينة «الرافقة» (١) قال له راهب : إن إنسانا يبني هنا مدينة يقال له مقلاص ، قال : أنا هو ، فبناها على نحو من بغداد ، لكنها أصغر.
وعن سليمان بن مجالد قال : أحضر (٢) المنصور الصّنّاع والفعلة من البلاد ، وأحضر المهندسين والحكماء والعلماء ، وكان ممن أحضر حجّاج بن أرطاة ، وأبو حنيفة ، ورسمت له بالرماد ، بسورها ، وأبوابها ، وأسواقها ، ثم أمر أن يعمل على ذلك الرسم.
وروى من وجه آخر أن المنصور قال لذلك الراهب : أريد أن أبني هنا
__________________
(١) في الأصل «الرافتة».
(٢) في الأصل «حصر».