لا يتكلم ، فقلت : ما لك لا تتكلم! فقال قولة ضعيفة : «أقتله». فقال : انطلق اذهب فجيء بأربعة من وجوه الحرس وشجعانهم ، فذهب فأحضر شبيب بن واج وثلاثة فكلمهم فقالوا : نقتله ، فقال : كونوا خلف الرواق فإذا صفّقت فدونكموه ، ثم طلب أبا مسلم فأتاه ، وخرجت لأنظر ما يقول الناس ، فتلقّاني أبو مسلم داخلا فتبسم وسلّمت عليه فدخل فرجعت فإذا به مقتول ، قال : ثم دخل أبو الجهم فقال : يا أمير المؤمنين ألا أردّ الناس؟ قال : بلى ، فأمر بمتاع يحوّل إلى رواق آخر وفرش ، وقال أبو الجهم للناس : انصرفوا فإن الأمير أبا مسلم يريد أن يقيل عند أمير المؤمنين ، ورأوا المتاع ينقل فظنّوه صادقا فانصرفوا وأمر المنصور للأمراء بجوائزهم ، قال أبو أيوب : فقال لي المنصور : دخل عليّ أبو مسلم فعاتبته ثم شتمته فضربه عثمان بن نهيك فلم يصنع شيئا وخرج شبيب بن واج (١) وأصحابه فضربوه فسقط ، فقال وهم يضربونه : العفو ، فقلت : يا بن اللخناء العفو والسيوف قد اعتورتك ، ثم قلت : اذبحوه ، فذبحوه. وقيل : إنه ألقي في دجلة ، وقيل : إنه لما دخل عليه قال : خلّوه فقال المنصور : أخبرني عن سيفين أصبتهما في متاع عبد الله ابن علي ، فقال : هذا أحدهما قال : أرنيه فانتضاه فناوله ، فهزّه المنصور ثم وضعه تحت فراشه وأقبل يعاتبه ، وقال : أخبرني عن كتابك إلى أخي أبي العباس تنهاه عن الموت أردت أن تعلّمنا الدين ، قال : ظننت أن أخذه لا يحلّ ، قال : فأخبرني عن تقدّمك إياي في طريق الحج ، قال : كرهت اجتماعنا على الماء فيضر ذلك بالناس ، قال : فجارية عبد الله بن علي أردت أن تتخذها ، قال : لا ولكن خفت أن تضيع فحملتها في قبة ووكلت بها من يحفظها ، قال : فمراغمتك وخروجك إلى خراسان ، قال : خفت أن يكون قد دخلك مني شيء فقلت أذهب إليها وأكتب إليك بعذري ، والآن قد ذهبت ما في
__________________
(١) في الأصل «واح» والتحرير من السياق وتاريخ ابن الأثير ٥ / ٤٧٤ والطبري ٧ / ٤٨٨.