من هنا ، وهذه سيوف أبي جعفر من خلفنا ، وقد أنكرت من كنت أثق به من قوادي ، فقال : هذا رجل يضطغن عليك أمورا قديمة فلو كنت واليت رجلا من آل علي كان أقرب ، ولو أنك قبلت إمرة خراسان منه كنت في فسحة من أمرك وكنت اختلست رجلا من ولد فاطمة فنصّبته إماما فاستملت به الخراسانية وأهل العراق ورميت أبا جعفر بنظيره لكنت على طريق التدبير. أتطمع أن تحارب أبا جعفر وأنت بحلوان وجيشه بالمدائن وهو خليفة مجمع عليه ، ليس ما ظننت لكن ما بقي لك إلا أن تكتب إلى قوادك وتفعل كذا وكذا. قال : هذا رأي إن وافقنا عليه قوادنا. قال : فما دعاك إلى أن تخلع أبا جعفر وأنت على غير ثقة من قوادك! أنا أستودعك الله من قتيل ، أرى أن توجه إلى أبي جعفر تسأله الأمان فإما صفح وإما قتل على عز قبل أن ترى المذلة من عسكرك إما قتلوك وإما أسلموك. قال : فسفرت السفراء بينهما وأعطاه أبو جعفر أمانا مؤكدا ، فأقبل أبو مسلم لحينه ثم بعث المنصور أميرا إلى أبي مسلم ليتلقاه ولا يظهر أنه من جهة المنصور ليطمئنه ويذكر حسن نية الخليفة له ، فلما أتاه وحدثه فرح المغرور وانخدع ، فلما وصل المدائن أمر المنصور الأعيان فتلقوه ، فلما دخل عليه سلم قائما فقال المنصور : انصرف يا عبد الرحمن فاسترح وادخل الحمام ثم أغد عليّ ، فانصرف ، وكان من نية المنصور أن يقتله تلك الليلة فمنعه وزيره أبو أيوب ، قال أبو أيوب : فدخلت بعد خروجه وقال لي المنصور أقدر على هذا في مثل هذه الحال قائما على رجليه ولا أدري ما يحدث في ليلتي ، وكلمني في الفتك به ، فلما كان من الغد فكرت فقال : يا بن اللخناء لا مرحبا بك أنت منعتني منه أمس والله ما غمضت البارحة ، أدع لي عثمان بن نهيك ، فدعوته ، فقال : يا عثمان كيف بلا أمير المؤمنين عندك؟ قال : إنما أنا عبدك ولو أمرتني أن أتّكئ على سيفي حتى يخرج من ظهري لفعلت ، قال : كيف أنت إذا أمرتك بقتل أبي مسلم؟ فوجم لها ساعة