عهدي من بعدي وعلى هذا خرجت ، فقام عدّة من القوّاد الخراسانية فشهدوا بذلك ، وبايعه حميد بن قحطبة ومخارق بن الغفار وأبو غانم الطائي والقواد ، فقال المنصور لأبي مسلم الخراساني : إنما هو أنا وأنت فسر نحو عبد الله ، فسار بسائر الجيش من الأنبار وعلى مقدمته مالك بن الهيثم الخزاعي ومعه الحسن بن قحطبة ، وأخوه حميد كان فارق عبد الله لما تنكر له ، وخشي عبد الله أن الخراسانية الذين معه لا تنصح فقتل منهم بضعة عشر ألفا أمر صاحب شرطته فقتلهم بخديعة ، ثم نزل نصيبين وخندق على نفسه ، وأقبل أبو مسلم فنزل بقرب منه ثم نفذ إليه : إني لم أؤمر بقتالك ولكن أمير المؤمنين ولّاني الشام وأنا أريدها. فقال الشاميون لعبد الله : كيف نقيم معك وهذا يأتي بلادنا ويقتل ويسبي ولكن نسير إلى بلادنا ونمنعه ، فقال : إنه ما يريد الشام ولئن أقمتم ليقصدنّكم ، ثم كان القتال بينهم نحوا من خمسة أشهر ، وأهل الشام أكثر فرسانا وأكمل عدة ، وكان على ميمنتهم بكار بن مسلم العقيلي ، وعلى الميسرة خازم بن خزيمة ، واستظهر الشاميون غير مرة ، وكاد عسكر أبي مسلم أن ينهزموا وهو يثبّتهم ويرتجز :
من كان ينوي أهله فلا رجع |
|
فرّ من الموت وفي الموت وقع |
ثم أردف القلب بميمنته وحملوا على ميسرة عبد الله فكانت الهزيمة ، وقال عبد الله لابن سراقة الأزدي : ما ترى؟ قال : أرى أن نصبر ونقاتل فإن الفرار قبيح بمثلك وقد عبته على مروان ، قال : إني أقصد العراق ، قال : فأنا معك ، فانهزموا وخلّوا عسكرهم فاحتوى عليه أبو مسلم بما فيه وكتب بالنصر إلى المنصور فبعث مولى له يحصي ما حواه أبو مسلم ، فغضب عندها أبو مسلم وتنمّر وهمّ بقتل المولى وقال : إنما لأمير المؤمنين من هذا الخمس ، ومضى عبد الله بن علي وأخوه عبد الصمد ، فأما عبد الصمد فقصد الكوفة فاستأمن