فهو المعبود حقّاً
وإلّا فلا يكون مستحقّاً للعبادة.
والعجب ، أنّ كلّ
من ارتأى تعريف العبادة فإنّما نظر إلى العنصر الثاني (الخضوع) الذي لم يختلف فيه
اثنان ، ولم يركز الكلام على العنصر الأوّل (الاعتقاد الخاصّ) ، مع أنّه الفيصل
بين العبادة ، والتكريم.
وحاصل هذا البيان
أنّه لا يصحّ أن ينظر إلى ظاهر الأعمال بل يجب النظر في مبادئها ومناشئها فالعبادة
لا تتحقق ولا يصدق عنوانها على شيء إلّا إذا اتّحد العمل مع عمل الموحدين أو
المشركين فقد كان عمل الموحدين نابعاً عن الاعتقاد الخاص بأُلوهيته سبحانه
وربوبيته كما كان عمل المشركين أيضاً نابعاً من هذا المبدأ لكن في حقّ أصنامهم
وأوثانهم.
نعم المشركون لم
يكونوا معتقدين بخالقية معبوداتهم ولكنّهم كانوا معتقدين بأُلوهيتهم وربوبيتهم
وتصرّفاتهم في الكون وبكونهم مالكين للمغفرة والشفاعة.
وعلى ضوء هذا فكلّ
خضوع يتمتع بنفس هذا العنصر يُضفى عليه عنوانُ العبادة فإن أتى به لله سبحانه يكون
موحّداً وإن أتى به لغيره يكون مشركاً. فلا يصحّ لنا القضاء على ظاهر الأعمال من
دون التفتيش عن بواطنها.
التعاريف الثلاثة
للعبادة
وقد خرجنا ـ بالإمعان
في عقائد الموحّدين والمشركين وبالإمعان في الآيات الحاثة على عبادة الله والنهي
عن عبادة غيره بالنتيجة التالية :
إنّ العبادة ليست
خضوعاً فارغاً مهما بلغ أعلاه بل خضوعاً نابعاً عن عقيدة خاصة وهي الاعتقاد بكون
المخضوع له ربّاً ، أو إلهاً ، أو مصدراً للأفعال الإلهية فلذلك يصحّ تعريفها على
أحد الوجوه التالية ويكون جامعاً لعامة أفرادها ، ودافعاً عن دخول غيرها في
تعريفها :