الرحمن ، خلقت الرحم ، وشققت لها اسما من اسمي. فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها قطعته (١).
قال الخطابي : فالرحمن ذو الرحمة الشاملة التي وسعت الخلق في أرزاقهم وأسباب معايشهم ومصالحهم ، وعمت المؤمن والكافر ، والصالح والطالح. وأما الرحيم فخاص للمؤمنين ، كقوله : (وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) (٢).
قال : والرحيم وزنه فعيل ، بمعنى فاعل ، أي راحم. وبناء فعيل أيضا للمبالغة ، كعالم وعليم ، وقادر وقدير. وكان أبو عبيدة يقول : تقدير هذين الاسمين تقدير ندمان ونديم من المنادمة.
قال أبو سليمان : وجاء في الأثر أنهما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر ، يعني بذلك ما أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن محبور الدهان. أخبرنا علي أبو الحسين بن محمد بن هارون النيسابوري ، أنا أحمد بن محمد بن نصر اللباد ، أنا يوسف بن بلال ، حدثنا محمد بن مروان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الرحمن ، وهو الرفيق ، الرحيم ، وهو العاطف على خلقه بالرزق. وهما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر.
وأخبرنا الإمام أبو إسحاق ، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم ، أنا عبد الخالق بن الحسن السقطي ، حدثنا عبد الله بن ثابت بن يعقوب ، قال : أخبرني أبي عن الهذيل بن حبيب ، عن مقاتل بن سليمان ، عمن يروي تفسيره عنه من التابعين ، قال : الرحمن الرحيم اسمان رقيقان. أحدهما أرق من
__________________
(١) الحديث أخرجه الترمذي في كتاب البر باب ٩ ما جاء في قطيعة الرحم ١٩٠٧ حدثنا سفيان ابن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة قال : اشتكى أبو الرداد الليثي فعاده عبد الرحمن بن عوف فقال : خبرهم وأوصلهم ما علمت أبا محمد فقال عبد الرحمن سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : وذكره. ورواه أبو داود في كتاب الزكاة ٤٥ وأحمد بن حنبل في المسند ١ : ١٩١ ، ١٩٤ ، ٢ : ٤٩٨ (حلبي).
(٢) سورة الأحزاب آية ٤٣.