باب
قول الله عزوجل (قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ* اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (١) وقوله : (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) (٢). وقوله : (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) (٣)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني الحسن بن حليم المروزي أنا أبو الموجه أنا عبدان أنا عبد الله ـ يعني ابن المبارك ـ أنا صفوان بن عمرو حدثني سليم بن عامر قال خرجنا في جنازة على باب دمشق ومعنا أبو أمامة الباهلي ، فلما صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها قال أبو أمامة : يا أيها الناس ، إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات ، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى المنزل الآخر ، وهو هذا ـ يشير إلى القبر ـ بيت الوحدة ، وبيت الظلمة ، وبيت الدود ، وبيت الضيق إلا ما وسع الله ، ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة ، فإنكم لفي بعض تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر من أمر الله فتبيض وجوه وتسودّ وجوه ، ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر ، فيغشى الناس ظلمة شديدة ، ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا ، ويترك الكافر والمنافق ، فلا يعطيان شيئا ، وهو المثل الذي ضرب الله في كتابه (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ ، إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها ، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ
__________________
(١) سورة البقرة الآيتان ١٤ ـ ١٥.
(٢) سورة النساء آية ١٤٢.
(٣) سورة الأنفال آية ٣٠.