واحد قال أبو سليمان : وقال بعضهم إنه تدلى يعني جبريل بعد الانتصاب والارتفاع حتى رآه النبي صلىاللهعليهوسلم متدليا كما رآه منتصبا ، وكان ذلك من آيات قدرة الله سبحانه وتعالى حين أقدره على أن يتدلى في الهواء من غير اعتماد على شيء ولا تمسك بشيء ، وقال بعضهم معنى قوله دنا يعني جبريل عليه الصلاة والسلام فتدلى محمد صلىاللهعليهوسلم ساجدا لربه شكرا على ما أراه من قدرته وأناله من كرامته ، قال أبو سليمان : ولم يثبت في شيء مما روى عن السلف أن التدلي مضاف إلى الله سبحانه وتعالى جل ربنا عن صفات المخلوقين ونعوت المربوبين المحدودين. قال أبو سليمان : وهاهنا لفظة أخرى في قصة الشفاعة رواها قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم «فيأتوني ـ يعني أهل المحشر ـ يسألوني الشفاعة فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه».
أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا علي بن محمد بن سختويه حدثنا محمد بن أيوب أنا هديه بن خالد حدثنا همام حدثنا قتادة عن أنس رضي الله عنه.
قال البخاري وقال حجاج بن منهال حدثنا همام بن يحيى فذكره.
قال أبو سليمان معنى قوله «فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه» أي في داره التي دورها لأوليائه وهي الجنة ، كقوله عزوجل (لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (١) وكقوله تعالى (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) (٢) وكما يقال بيت الله ، وحرم الله ، يريدون البيت الذي جعله الله مثابة للناس ، والحرم الذي جعله أمنا ، ومثله روح الله على سبيل التفضيل له على سائر الأرواح ، وإنما ذلك في ترتيب الكلام كقوله جل وعلا (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) (٣) فأضاف الرسول إليهم وإنما هو رسول الله صلىاللهعليهوسلم أرسله إليهم. قلت :
وما ذكرنا في حديث أنس رضي الله عنه فمثله نقول فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر عبد الحسن قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد
__________________
(١) سورة الأنعام آية ١٢٧.
(٢) سورة يونس آية ٢٥.
(٣) سورة الشعراء آية ٢٧.