كيف استوى؟ قال : الكيف مجهول ، والاستواء غير معقول ، ويجب عليّ وعليك الإيمان بذلك كله.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني محمد بن يزيد سمعت أبا يحيى البزار يقول سمعت أبا العباس بن حمزة يقول سمعت أحمد بن أبي الحوارى يقول سمعت سفيان بن عيينة يقول : كل ما وصف الله تعالى من نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عليه.
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال هذه نسخة الكتاب الذي أملاه الشيخ أبو بكر أحمد بن اسحاق بن أيوب في مذهب أهل السنة فيما جرى بين محمد بن إسحاق بن خزيمة وبين أصحابه فذكرها وذكر فيها الرحمن على العرش استوى بلا كيف. والآثار عن السلف في مثل هذا كثيرة. وعلى هذه الطريقة يدل مذهب الشافعي رضي الله عنه ، وإليها ذهب أحمد بن حنبل والحسين ابن الفضل البجلي ومن المتأخرين أبو سليمان الخطابي. وذهب أبو الحسن علي ابن اسماعيل الأشعري إلى أن الله تعالى جل ثناؤه فعل في العرش فعلا سماه استواء كما فعل في غيره فعلا سماه رزقا ونعمة أو غيرهما من أفعاله. ثم لم يكيف الاستواء إلا أنه جعله من صفات الفعل لقوله (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) وثم للتراخي ، والتراخي إنما يكون في الأفعال ، وأفعال الله تعالى توجد بلا مباشرة منه إياها ولا حركة ، وذهب أبو الحسن علي بن محمد الطبري في آخرين من أهل النظر إلى أن الله تعالى في السماء فوق كل شيء مستو على عرشه بمعنى أنه عال عليه ، ومعنى الاستواء الاعتلاء ، كما يقول استويت على ظهر الدابة ؛ واستويت على السطح ، بمعنى علوته ، واستوت الشمس على رأسي ، واستوى الطير على قمة رأسي ، بمعنى علا في الجو ، فوجد فوق رأسي ، والقديم سبحانه عال على عرشه لا قاعد ولا قائم ولا مماس ولا مباين عن العرش ، يريد به مباينة الذات التي هي بمعنى الاعتزال أو التباعد ، لأن المماسة والمباينة التي هي ضدها والقيام والقعود من أوصاف الأجسام ، والله عزوجل أحد صمد لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، فلا يجوز عليه ما يجوز على الاجسام تبارك وتعالى.