حينئذ بين وليه آدم وعدوه إبليس ، فيبطل ما ذكر من تفضيله عليه لبطلان معنى التخصيص ، فلم يبق إلا أن يحملا على صفتين تعلقتا بخلق آدم تشريفا له دون خلق إبليس تعلق القدرة بالمقدور ، لا من طريق المباشرة ولا من حيث المماسة ، وكذلك تعلقت بما روينا في الأخبار من خط التوراة وغرس الكرامة لأهل الجنة ، وغير ذلك تعلق الصفة بمقتضاها. وقد روينا ذكر اليد في أخبار أخر ، إلا أن سياقها يدل على أن المراد بها الملك والقدرة والرحمة والنعمة ، أو جرى ذكرها صلة في الكلام. فأما فيما قدمنا ذكره فإنه يوجب التفضيل. والتفضيل إنما يحصل بالتخصيص. فلم يجز حملها فيه على غير الصفة. وكذلك في كل موضع جرى ذكرها على طريق التخصيص. فإنه يقتضي تعلق الصفة التي تسمى بالسمع يدا بالكائن فيما خص بذكر ما فيه تعلق الصفة بمقتضاها ، ثم لا يكون في ذلك بطلان موضع تفضيل آدم عليهالسلام على إبليس ، لأن التخصيص إذا وجد له في معنى دون إبليس ، لم يضر مشاركة غيره إياه في ذلك المعنى بعد أن لم يشاركه فيه إبليس. والله أعلم.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان ، حدثنا ابن بكير ، حدثني الليث عن خالد ، يعني ابن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن يسار ـ يعني عطاء ـ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة. قال : فأتى رجل من اليهود فقال : بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم ، ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال : بلى. قال : تكون الأرض خبزة واحدة (١). كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قال : فنظر رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلينا ، ثم ضحك حتى بدت نواجذه ، ثم قال : ألا أخبرك بادامهم؟ قال :
__________________
(١) خبزة واحدة : في القاموس : الخبزة الطلمة. وقال الشارح الطلمة هي عجين يوضع في الرماد الحار حتى ينضج.