(تبارك وتعالى) على نفسه بيده قبل أن يخلق الخلق : إن رحمتي تسبق ـ أو قال : سبقت ـ غضبي» (١).
قلت : وقد قال بعض أهل النظر في معنى اليد في غير هذه المواضع إنها قد تكون بمعنى القوة. قال الله عزوجل : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ) (٢).
أي : ذا القوة. وقد يكون بمعنى الملك والقدرة. قال الله (عزوجل) : (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) (٣).
وقد يكون بمعنى النعمة. تقول العرب : كم يد لي عند فلان. أي : كم من نعمة لي قد أسديتها إليه. وقد يكون بمعنى الصلة. قال الله تعالى : (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً) (٤). أي مما عملنا نحن : وقال (جل وعلا) : (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) (٥) أي الذي له عقدة النكاح.
وقد يكون بمعنى الجارحة. قال الله (تعالى) : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ) (٦).
فأما قوله (عزوجل) : (يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) (٧).
فلا يجوز أن يحمل على الجارحة ، لأن الباري (جل جلاله) واحد لا يجوز عليه التبعيض ولا على القوة والملك والنعمة والصلة ؛ لأن الاشتراك يقع
__________________
(١) الحديث أخرجه الامام مسلم في كتاب التوبة ٤ باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه ١٤ (٢٧٥١) عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : وذكره.
وأخرجه البخاري في كتاب التوحيد ٥٥ وكتاب بدء الخلق ١ وابن ماجة في كتاب الزهد ٣٥ باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة ٤٢٩٥ بسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم وذكره. ورواه الامام أحمد في المسند ٢ : ٢٤٢ ، ٢٥٨ ، ٢٦٠ (حلبي).
(٢) سورة ص آية ١٧.
(٣) سورة آل عمران آية ٧٣.
(٤) سورة يس آية ٧١.
(٥) سورة البقرة آية ٢٣٧.
(٦) سورة ص آية ٤٤.
(٧) سورة ص آية ٧٥.