يحتج بهما الشيخان أبو عبد الله البخاري وأبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري ، ولم يخرجا هذا الحديث في الصحيح بإسناده ، وإنما أشار البخاري إليه في ترجمة الباب. واختلف الحفاظ في الاحتجاج بروايات ابن عقيل لسوء حفظه ، ولم يثبت صفة الصوت في كلام الله (عزوجل) ، أو في حديث صحيح عن النبي صلىاللهعليهوسلم غير حديثه ، وليس بنا ضرورة إلى إثباته. وقد يجوز أن يكون الصوت فيه إن كان ثابتا راجعا إلى غيره كما روينا عن عبد الله ابن مسعود موقوفا ومرفوعا : «إذا تكلم الله بالوحي ، سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا» (١).
وفي حديث أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «إذا قضى الله الأمر في السماء ، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله ، كأنه سلسلة على صفوان» (٢). ففي هذين الحديثين الصحيحين دلالة على أنهم يسمعون عند الوحي صوتا ، لكن للسماء ولأجنحة الملائكة ، تعالى الله عن شبه المخلوقين علوا كبيرا.
وأما الحديث الذي ذكره البخاري ، عن عمر بن حفص ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يقول الله : يا آدم ، فيقول : لبيك وسعديك ، فينادي بصوت : إن الله (تبارك وتعالى) يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار» (٣).
فهذا لفظ تفرد به حفص بن غياث ، وخالفه وكيع وجرير وغيرهما من أصحاب الأعمش ، فلم يذكروا فيه لفظ الصوت. وقد سئل أحمد بن حنبل ، عن حفص ، فقال : كان يخلط في حديثه ، ثم إن كان حفظه ، ففيه ما دل على
__________________
(١) الحديث أخرجه البخاري في كتاب التوحيد ٧٤٨١ ـ عن طريق علي بن عبد الله عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلىاللهعليهوسلم قال : وذكره. وأخرجه في التفسير سورة ١٥ ، أو سورة ٣٤ ، ١.
(٢) الحديث أخرجه الترمذي في كتاب التفسير ٣٢٢٣ عن عكرمة عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : وذكره وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
(٣) الحديث أخرجه البخاري في كتاب التوحيد ٣٢ ، ٧٤٨٣ بسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم وذكره. وأخرجه الإمام مسلم في كتاب الإيمان ٣٧٩ وكتاب الفتن ١١٦ والترمذي في كتاب التفسير سورة ٢٢ ، ١ ، ٢ وأحمد بن حنبل في المسند ١ : ٣٨٨ ، ٢ : ١٦٦ ، ٣ : ٣٢ ، ٣٣ ، ٤ : ٤٣٢ (حلبي).