دون كفر كقول الله (عزوجل) : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (١).
ومن قال بهذا ، جرى في قبول شهادتهم وجواز الصلاة خلفهم مع الكراهية على ما قال الشافعي (رحمهالله) في أهل الأهواء أو المظهر للبدع. وكان أبو سليمان الخطابي (رحمهالله تعالى) لا يكفر أهل الأهواء الذين تأولوا فأخطئوا ، ويجيز شهادتهم ما لم يبلغ من الخوارج والروافض في مذهبه أن يكفر الصحابة ، ومن القدرية أن يكفر من خالفه من المسلمين ولا يرى أحكام قضاتهم جائزة ، ورأى السيف ، واستباح الدم. فمن بلغ منهم هذا المبلغ فلا شهادة له ، وليس هو من الجملة التي أجاز الفقهاء شهادتهم.
قال : وكانت المعتزلة (٢) في الزمان الأول على خلاف هذه الأهواء ، وإنما أحدثها بعضهم في الزمان المتأخر.
قال أحمد رضي الله عنه : وفي كلام الشافعي في شهادة أهل الأهواء إشارة إلى بعض هذا. والله أعلم. ومن ابتلى بالصلاة خلفهم ، فالذي أختار له ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، ومحمد بن موسى ، قالا : حدثنا أبو العباس ، محمد بن يعقوب ، قال : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول : سمعت أبي يقول ـ واملاه عليّ املاء ـ قال : اكتب : وأما من قال ذاك القول ، لم تصل خلفه الجمعة ولا غيرها ، إلا أنّا لا ندع إتيانها. فإن صلى رجل ، أعاد الصلاة ـ يعني خلف من قال : القرآن مخلوق ـ قلت : ومن فعل هذا الذي اختاره أحمد ابن حنبل من إتيان الجمعة والجماعات سواها ، ثم أعاد ما صلى خلفهم ، خرج من اختلاف العلماء في ذلك وأخذ بالوثيقة ، وتخلص من الوقيعة. وبالله التوفيق والعصمة.
__________________
(١) سورة المائدة آية ٤٤.
(٢) راجع في شأن هذه الفرقة الفرق بين الفرق : ٢٤ ، ١١٤ وكتاب التبصير للأسفراييني وكتاب الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٤٦ وما بعدها.